اطفالنا وعجينة الصلصال

بسم الله الرحمن الرحيم


قال أحد الحكماء قديما : " العلم في الصغر كالنقش على الحجر "
و لعمري إنه لصادق ..فعقل الطفل هو كعجينة الصلصال التي تدور بيم يديّ صانع الفخّار ..فهو يشكلها حسب ما يريد ، إن أتقن تشكيلها و تعامل معها بحذر و دقة و رفق ، ثم ابدع تلوينها و طلائها ، ثم وقّت لها توقيتا مناسبا في الفرن بحرارتها التي تلائمها ..بهذا يحصل على نتيجة لا أروع و لا أجمل و لا أصلب

في الواقع صانع الفخار هو كل مؤثر يمكن أن يؤثر في نشأة الطفل و تربيته .. وتلك المؤثرات كثيرة كثيرة ..
أولها .. مايتلقاه الطفل من والديه ، سواء تعليمات مباشرة أو تصرفات الوالدين التي يقلدها الطفل .. وهناك مؤثرات أخرى كوسائل الاعلام من تلفاز و مذياع و مجلات و انترنت ..بحسب مايستهوي الطفل أكثر..

و بحسب سن الطفل و ميوله ... كذلك تأثير أقرانه من اقاربه أو رفاقه بالروضة و المدرسة ...
عجينة الصلصال هذه تتاثر بكل شيء يحيط بها ... بشكلِ قد لا نتوقعه ، نستغرب كثيرا كيف أن هذا العقل الصغير قد التقط ارسالا ضعيفا لم نتنبه له نحن الكبار ، ثم خزنه في ذاكرته و ربطه بخبراته القليلة السابقة ليتوصل إلى نتيجة مذهلة...

كنت ذات مرة اشاهد مسلسلا تلفزيونيا ، وطبعا أنتم تعرفون كيف تلبس الممثلات ، خاصة إذا كان المشهد في سهرة أو حفلة ، فساتين تبرز أكثر مما تستر ، فوجئت بطفلتي التي لم تتجاوز الأربع سنوات ، تمد إليّ بجهاز التحكم عن بعد ، قائلةً لي : ماما خذي الجهاز ، نحن لانرى هؤلاء الذين لا يستحون .

تفاجأت منها ، تداركت قائلةَ لها ... صحيح ... احسنتِ... نحن لانشاهدهم و سأغير القناة فورا... قالت و هي مبتسمة لأنها أحست أنها قد أحسنت صنعا و أنها أتت لي بالجهاز الذي ظنت أني أبحث عنه ، قالت إنهم سيذهبون إلى النار وإذا شاهدناهم فسنذهب معهم ، ونحن نريد أن نذهب إلى الجنة ...
كنت قد قلت لها هذا الحديث سابقا ، ثم غفلت عنه ، فإذا بذلك العقل الصغير ينبهني و يعلمني...

رجائي و امنيتي من كل إنسان بين يديه عجينة صلصال أن يحسن تشكيلها ، و يقوي أجزاءها ، لانها إن تشكلت معوجة فستظل كذلك مالم تضطر إلى كسرها و اعادة لصقها ...
منقول

الحلو مرورك العطر يالغلا