السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن الجوزي :
تأمّلتُ الأرض ومن عليها بعين فكري , فرأيت خرابها أكثر من عمرانها :
فالسلطان مشغول بالأمر والنهي واللّذات العارضة له .
-ومعظم جنوده في سكر الهوى وزينة الدنيا , وقد انضاف إلى ذلك الجهل ؛
فلا يؤلمهم ذنب , ولاينزعجون من شرب الخمر , ويأخذون الأشياء من غير وجهها , فالظلم معهم كالطبع .
- وأرباب البوادي قد غمرهم الجهل , وكذلك أهل القرى .
- ثم نظرت في التّجار , فرأيتهم قد غلب عليهم الحرص , حتى لايرون وجوه الكسب كيف كانت ,وصار الرّبا في معاملتهم مناسباً فلا يبالي أحدهم من أين تحصل له الدنيا . وهم في باب الزكاة مفرطون , لايستوحشون من تركها .
- ثم نظرت في أرباب المعاش , فوجدت الغش في معاملاتهم , والتطفيف والبخس , وهم مع هذا مغمورون بالجهل .
- ورأيت عامة من له ولد يشغله ببعض هذه الأشياء طلباًَ للكسب قبل أن يعرف مايجب عليه ومايت؟أدب به .
- ثم نظرت في النساء فرأيتهن قليلات العقل عظيمات الجهل .
-ثم نظرت في العلماء , فإذا جمهورهم يتعبد بغيرعلم , ويأنس إلى تعظيمه وتقبيل يده وكثرة أتباعه , حتى أن أحدهم لو اضطر أن يشتري حاجة من السوق لايفعل لئلا ينكسر جاهه , ثم تترقى بهم رتبة الناموس إلى أن لايعودوا مريضاً , ولا يشهدوا جنازةً إلا أن يكون عظيم القدر عندهم , ولايتزاورون , بل ربما ضنّ بعضهم على بعض بلقاء .
* * *
إلاّ أن الله لايخلي الأرض من قائم له بالحجة جامع بين العلم والعمل , عارف بحقوقه تعالى , خائف منه .
ابن الجوزي